الحرام فى .... شهرالحرام
عندما دخل النبي عليه الصلاة والسلام مكة منتصراً ورافعاً لواء دين الله الإسلام. كان بعض أهل قريش مازالوا علي كفرهم وشركهم.. كانوا يعبدون الأصنام ويرفعونها علي الكعبة المشرفة وحطمها النبي.
ارتعدت فرائص من ناصبوه العداء وطردوه هو ومن آمن به وحاولوا قتله أكثر من مرة وذلك عندما شهدوه في قوة لا قبل لهم بها.. ورغم ما فعلوه فيه فإن محمدا أعظم البشر لم يقابل السيئة بمثلها ولكنه عفا.. قال من دخل بيته فهو آمن ومن دخل بيت أبوسفيان فهو آمن رغم ما فعله ضده.. قال لقريش ما تظنون اني فاعل بكم قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ورد "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
النبي لم يذبح أو يعتقل أو يصفي اعداءه.. ورغما عني أقارن بين موقفه وموقف أولئك المتمسحين بالدين الذين يرفعون شعارات توحي بأنهم وحدهم المسلمون وغيرهم في دار الشرك.. ورغم ان المقارنة في غير محلها. إلا أنها واجبة.
الإخوان ينظرون إلي المصريين غير المنتمين للجماعة المحظورة علي أنهم مرتدون أو كفار ينبغي استحلال دمهم.
الشعارات التي رفعها مرشحو المحظورة ونوابها ضد الدولة والمرشحين الآخرين كلها تهديد بسفك الدماء وفتح أبواب جهنم في الانتخابات البرلمانية التي تجري جولتها الأولي يوم الأحد القادم.
المنطق الذي يشيعه "بنو بديع" - نسبة إلي مرشدهم محمد بديع - هو أن قوات الأمن التي تعتقل الذين يخالفون القانون في مظاهرات أو مسيرات هي "مليشيات لا دين لها" وان اعتقال أعضاء الجماعة ما هو إلا عمليات اختطاف.
الإخوان ينظرون إلي أي مصري لا يخضع بالولاء لهم باعتباره مرتداً ويستحق العقاب ويهددونه بنار جهنم وبئس المصير.. ونصبوا حساب يوم القيامة في الحياة الدنيا.
المحظورة تنظر إلي الانتخابات باعتبارها فرزاً للمؤمنين وغير المؤمنين.. المنافسات السياسية في العالم كله تكون بين برامج يختار من بينها الناس. لكن الجماعة المحظورة في مصر يهددون المصريين بأنهم سيفعلون أي شيء حتي يصلوا للبرلمان. حتي لو كلفهم ذلك الاستشهاد علي الصناديق. وكأنها معركة بين قوي الخير وجحافل الشر.
لقد أظهر اقتراب موعد الانتخابات ما الذي يريده الإخوان لمصر.. لا يهم أن يفتحوا بوابات جهنم علينا. لا يهم أن تراق دماء بريئة.. لا يهم أن تظهر الأسلحة البيضاء والخناجر والسكاكين.. لا يعنيهم أن يقع قتلي منهم لأنهم أدخلوا تعريفاً جديداً علي الشهيد وهو الموت فوق الصندوق.. ما يعنيهم هو البرلمان.
إذا فتحنا مواقع الإخوان الالكترونية فسنجدهم يدعون اتباعهم للشهادة.. ويهددون من يقف في طريقهم بأنه سيتعرض لفتح أبواب جهنم عليه.. طبعاً من يتعرضون للتهديد القاتل هم مرشحو الحزب الوطني.. استحل الإخوان دماءهم في الشهر الحرام ووصفوهم بالكفر والزندقة.. ادخلوا الناس الجنة والنار علي أساس من ينتخبونهم.. انتخب الإخوان تدخل الجنة.. ارفضهم وسيكون جزاؤك جهنم وبئس المصير.
الإخوان - كما قلنا مئات المرات - ليسوا هم الأوصياء علي الإسلام.. وليسوا هم من يمنحون صكوك الغفران.. لا أتصور أن يغيب عن إدراك المصريين الأذكياء أن "الجماعة" تسعي لكي يكون لها تنظيم مماثل لحماس وحزب الله وجيش المهدي و"الحوثيين".. كلها تنظيمات عسكرية إسلامية قامت في دول مدنية بالديموقراطية ثم لبست ثياب التشدد الديني.. نحن نعرف أن الديموقراطية تجلب لنا الفاشيين أمثال هتلر وموسوليني.. ولا نريد للديموقراطية أن تكون أداة إرهاب للشعب.. الإخوان يفعلون ما يريدونه الآن في استعراض قوة ليس لها من هدف إلا ترويع الآمنين وإقناعهم بعدم الخروج يوم الانتخابات وإلا لاقوا ما لا قبل لهم به.
علي مواقع الإخوان الالكترونية تجد اسماء لبعض المعتقلين بعد تحقيقات النيابة ومكتوب أمام اسم كل منهم "مختطف".. فهم لا يعترفون بالقانون المصري أو اجراءات النيابة.. هم أبرار من كل سوء وملائكة منزلة.. يحق لهم ضرب الشرطة وإصابة الضباط وتكسير المنشآت والمحلات ثم نؤدي لهم التحية ونشكرهم علي أنهم يطهروننا من الذنوب ويحاسبوننا في الدنيا نيابة عن الله سبحانه وتعالي.. وأعوذ بالله مما يتصورون.
مصر لن تكون فلسطين أو لبنان أو العراق أو اليمن. لن نسمح بمليشيات عسكرية وهو ما يروج له الآن عبر الانترنت في عملية انتقاد صريحة للشرطة حيث يقولون "لا يفل الحديد إلا الحديد" والمعني واضح وهو أنه طالما أنهم يتعرضون للعنف فلهم الحق في الرد بنفس العنف.. الأخطر أنك تجد الأحاديث النبوية محرفة علي المواقع مثلا "المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف" ولكنك لا تجد الحديث النبوي كاملاً.. عامدين أن يسقطوا "وفي كُل خير".. تماماً مثل الذي يقول "لا تقربوا الصلاة" مبتسراً الآية الكريمة "وأنتم سكاري حتي تعلموا ما تقولون".
الإخوان لا يخوضون الانتخابات لإعلاء قيمة الإسلام أو للحض علي مكارم الأخلاق. ولكنهم يخوضونها لأغراض دنيوية محضة وهم علي أتم الاستعداد لارتكاب كل ما نهي عنه الإسلام في سبيل الوصول للبرلمان.. مستعدون لإراقة الدماء في الشهر الحرام ليحصلوا علي مكاسبهم.. وليس لديهم مانع من قتل النفس التي حرم الله قتلها.. ويسألني البعض عن سبب هذا الإصرار علي خوض الانتخابات فأقول إن فوز الإخوان ببعض المقاعد يوفر لهم حماية نسبية لانشطتهم السياسية والاجتماعية من خلال استخدام الحصانة التي بحوزتهم في السفر للخارج للحصول علي تمويل وأموال من التنظيم الدولي للإخوان الذي لا يعلم أحد علي وجه الاطلاق كيف يحصل علي هذه القناطير المقنطرة وكيف وصل اعتماد الانفاق علي الانتخابات إلي أكثر من 120 مليون جنيه.. الحصانة تمنح الجماعة فرصة عقد اجتماعات في مقار النواب التابعين لها وتنظيم لقاءات ثقافية وندوات. وكما هو معروف لا يمكن لأجهزة الأمن اقتحام مقر النائب المحصن للقبض علي أعضاء بالجماعة المحظورة.. المقاعد البرلمانية تعطيهم فرصة جديدة لإثبات ان هناك اجراءات ضدهم وهو ما يساهم في تسويقهم دولياً وهو ما حدث عندما وضعتهم منظمة "هيومان رايتس واتش" في تقريرها عام 2004 كأكثر الفئات المعارضة اضطهاداً.
والاستنتاج المنطقي أن الجماعة تدرك قبل غيرها أنها لن تحصل علي نفس العدد من المقاعد التي حصلت عليه من قبل. وتعلم أن الأحزاب الشرعية ستحصل علي عدد كبير من مقاعدها.. من أجل هذا يشيع العنف والمسيرات والمظاهرات والدعوة للاستشهاد والتهديد بفتح أبواب جهنم. فالأهم بالنسبة لهم في الوقت الراهن أن ينظر لهم العالم كضحايا.. وهذه قمة الكوميديا لانهم أول ضحية في التاريخ تضرب وتستخدم الأسلحة البيضاء وتهدد بافساد العملية السياسية برمتها وتشيع دعاوي التزوير وتستخدم بلطجية مدربين. ثم بعد ذلك كله نكتشف أنهم ضحايا.. ضحايا ودماؤنا تلطخ أيديهم منذ 82 عاماً وأكثر.. وإذا كان كل الضحايا هكذا. فإن الذئاب انتهي مفعولها!